
تݣنزة… قصة تودة، حكاية من ورزازات، ستحكى في تطوان وبغداد.
تشارك فرقة فوانيس المسرحية ممثلة لإقليم ورزازات وجهة درعة تافيلالت بالمهرجان الوطني للمسرح في دورته 23 بتطوان، ضمن فعاليات المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني بتطوان في دورته 23، ما بين 08 و15 دجنبر من نفس السنة، والذي تنظمه وزارة الثقافة والشباب والتواصل، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وتم اختيار عرضها كذلك ضمن العروض المشاركة في الدورة 14 لمهرجان المسرح العربي من 10 إلى 18 يناير 2024 ببغداد العراق، ضمن عروض المسار الأول، مسار التنافس على جائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وتأهل لهذا المسار 13 عرضاً مسرحيا، من بينها كذلك العرض المسرحي المغربي اكستازيا، لمؤسسة أرض الشاون للثقافات، تأليف وإخراج ياسين أحجام. وتأهل للمسار الثاني مسرحية كلام، لمسرح الشامات – المركز الثقافي المنوني، نص لمحمد برادة (كلام يمحوه كلام)، إخراج بوسلهام الضعيف.
وتعد مشاركة فوانيس أول مشاركة لفرقة من إقليم ورزازات وجهة درعة تافيلالت في هذين المحفلين المسرحيين، المهرجان الوطني والمهرجان العربي، بعد أن حظيت الفرقة وعملها بثقة لجنة الانتقاء.
وتقدم الفرقة عرضها المسرحي تَݣْنْزَة.. قِصَّة تودة، بدعم من مسرح محمد الخامس، دراماتورجيا وإخراج الفنان والمخرج المسرحي أمين نسور، ومن توقيع إسماعيل الوعرابي وطارق الربح وأمين نسور تأليفا وإعدادا.
مسرحية تَݣْنْزَة… قِصَّةُ تُودَة، عمل فني التأم فيه طاقم فني وتقني من الفنانين المتمرسين المشهود لهم وطنيا وعربيا بجدة طرحهم الفني وجدية اشتغالهم وإصرارهم على اجتراح رؤى فنية مبدعة، فكانت سينوغرافيا العرض من تصميم السينوغراف الفنان طارق الربح وتنفيذ الفنان سفيان قرطبي، وملابس المصممة الفنانة سناء شدال، وتصميم الإضاءة من توقيع الفنان عبد الرزاق أيت بها.
وكان الإعداد للعمل مختبرا حقيقيا وورشا مفتوحا للخلق امتد زهاء سنتين ونصف من اللقاءات والإقامات الفنية المغلقة، بين الرباط وورزازات، سفر بالمسرح إلى المسرح، جعل الطاقم الفني والتقني في اتصال مباشر واطلاع على المعطيات التاريخية والجغرافية التي من شأنها تعميق الاشتغال الفني على العرض المسرحي الذي ينهل من تراث الجنوب الشرقي، وورزازات على وجه التحديد والتخصيص، فاختار الفنان أمين نسور مخرج العمل المسرحي إدارةَ عمليةِ انتقاء الممثلين والمؤدين، بالمزاوجة بين عناصر فرقة فوانيس،وأسماء فنية محترفة من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي ممن يبسطون تجاربهم في مختلف الأعمال الوطنية المسرحية منها والتلفزية والسينمائية، ويؤدي أدوار وشخوص هذه المسرحية الفنانتين هاجر كريكع وهند بلعولة، إلى جانب الفنانين عادل الحمدي وأحمد باحدا.
ولأن العرض المسرحي يشتغل على مقاربة عناصر تراثية من الموروث الشفاهي والغنائي، فقد واكبت الموسيقى والترانيم مختلف لحظات العرض لتشكل بذلك هويته ومرجعيته الثقافية، بل وانفتحت على أنغام وأنماط غنائية وموسيقية من ثقافات أخرى عربية وغربية، إضافة إلى لوحات كوريغرافية من تصميم الكوريغراف سعيد الودغيري، لتتمازج هذه العناصر في تناغم مع المكونات الݣناوية الإفريقية والأمازيغية والشعر العربي، لتمنح للعرض صبغته الإنسانية والكونية المشتركة، فكانت الألحان والأنغام من إبداع الفنانة إيمان تيفيور والفنان أيوب أسوس.
كما استند الطرح الفني إلى تأثيث دلالات العرض وتكثيفها من خلال توظيف الوسائط، عبر خاصية المابينغ والذي أشرف على تصميمه الفنان المبدع محمد رضا تسولي.
هذا العمل الذي يأتي انسجاما مع فلسفة الفرقة وهويتها الفنية المتنوعة، والمنفتحة على التراث الفرجوي بالجنوب الشرقي للمملكة المغربية والبحث في سبل تثمينه واستثمار معطيات الجغرافيا الثقافية المغرية بكثير من الإبداع وعميق الاشتغال، فكانت الجغرافيا حاسمة في تحديد الأفق الفني لهذا العمل، وبِدَايَةُ الْحِكَايَةِ من قبائل جبال الأطلس الكبير، الفاصلة بين سهول الحوز، وواحة درعة الْخَيْرِ، حيث تحكي المسرحية أسطورة سيدة مهووسة بأحواش حد الجنون، تناديه فيناديها فيلتئمان روحا واحدة تصدح أنغاما في ساحة أَسَايْسْ (ساحة الفرجة التقليدية) لا أَحْوَاش يستقيم بدونها، ولا هي ينضبط نبض حياتها بدونه، تحضره ليلا ونهارا، قريبا وبعيدا، عند الأقارب والأباعد … المهم أنها جسد أحواش، وأنغامه صدى روحها.
لكن! … زوجها لم يكن راضيا عن هذا الحضور، استفزه، اشمأز منه، استشاط غضبا، فسجنها ذات ليلة في غرفة صغيرة مظلمة بنافذة صغيرة لا يكاد يتسرب منها وإليها إلا مقدار يسير من الهواء. وصادف في ليلة أن أُقيم حفل زفاف في قرية بعيدة، فصدحت أنغام أحواش، وتسللت أهازيجه عبر المنفذ إلى فؤادها، يغنون فترد عليهم من نافذتها منفذها إلى الحياة، حمي وطيس أحواش، فتعالت أنغامها من الغرفة-السجن، تعالت، تعالت …
تعالت … انفجرت فتحرر صوتها من الغرفة واصلا إلى ساحة أَسَايْسْ، أدهشهم، شدهم، فسكنهم، فجاؤوا أفواجا وفرادى حتى تحلقوا حول البيت .. الغرفة-السجن…
– هل حرروها؟ أم استمتعوا فقط بنغمها وغادروا؟ هنا نهاية الأسطورة…
أما بداية الطقس المسرحي: تݣنزة.. قصة تودة
فتَكْنْزَة لفظ أمازيغي يعني الطبل الْبَنْدِيرْ .. الطَّارَة.. وهي آلَةٌ مُوسِيقِيَّةٌ عِبَارَةٌ عَنْ طَبْلٍ صَغِيرٍ يُصْنَعُ مِنْ جِلْدِ الْمَاعِزِ
وتُودَة اسم أمازيغي قديم يعني العاقلة والصبورة.. وفي المسرحية تودة فتاة من القرية… وللقرى وقع فريد في القلب والروح، تُودة .. صوتٌ للذاكرة، ومرجعية لكل ذكرى في القرية، هذه العوالم من الثقافةِ والتاريخِ والأحداثِ، وللسفر نحو العلم والجامعة طَعْمٌ خاص في هذه الوقائِعِ، وسفر آخَرُ بالمسرح إلى معانقة هذا الجنوب، معانقة بريئة مخلصة تبحث عن سبل فنية لإعادة تشكيل بعض المعاني الهاربة، وصياغة مفاهيم ممكنة لمداعبة هذا الزخم من التراث…
مسرحية “تَݣْنْزَة… قِصَّةُ تُودَة” عمل فني جديد تكلف بإدارة إنتاجه الفنان يوسف بواخبيان، رفقة خلية المحافظة العامة والتنفيذ، رشيد بولهموم، يونس بوفكري، مصطفى سوبان ويونس الوعرابي، وتعد هذه التجربة لجمعية فوانيس الإطار المنظم لمهرجان أماناي الدولي للمسرح بورزازات، وحاملة مشروع توطين الفرجات الشعبية بالمركز الثقافي بزاݣورة، امتدادا لهذا المسار، وخطوة أخرى نحو استثمار المكون التراثي والفرجوي، والانتقال من مستوى دراسته إلى تطبيقه وأدائه، إنها مغامرة أكيدة، خاصة في ظل نزوح الجميع نحو التجارب الفنية المعاصرة.
لكنها تظل مغامرة مضمونة المكاسب، فالقضايا التي تحف بالفرجات مختلفة ومتشعبة، ومجالات النقاش فيها متعددة ومتباينة، كما أن مجموعة أمور تأخذ مأخذ التسليم تحتاج إلى إعادة ترميم وبناء، وهي فرصة لتطوير آليات الاشتغال على مستوى المشاريع الفنية وخاصة المسرحية منها، وبحث صلات التقارب بينها وبين فرجاتنا التراثية، ومن شأنه أن يكسب هذا الاشتغال نوعا من العلمية، وأن يمهد لأعمال فنية تستثمر التراث الفني الفرجوي في علاقته مع مجاله السوسيوثقافي، ولا شك سيكسبه ذلك صيتا وانتشارا.