الجمعية الرياضية لقصر بني صبيح نموذج للجمعيات الناجحة بالعالم القروي باقليم زاكورة.

عبد الواحد غنامي /لموقع صدى اف ام

     على ضفاف واحات درعة الوسطى الصحراوية، يقع قصر بني صبيح أو ” أيــــت صبيح” و  الممتد في تاريخ ضارب في القدم، والذي يظم مجموعة من الجمعيات المهتمة  بمختلف التخصصات الثقافية والتاريخية ـ التراثية والرياضية… هذه الأخيرة التي بدأت تطفوا على مسرح الأحداث والتظاهرات الكبرى بالمنطقة، حيث أصبحت تحظى بها بفضل خبرة الأطر المشرفة عليها والذين يعملون في خفاء تام نكرانا للذات والأنا؛ وهنا الحديث عن الجمعية الرياضية لقصر بني صبيج. وهي جمعية رياضية تنموية تم تأسيسها سنة 2012م من قبل مجموعة من الشباب واللاعبين القدامى الغيورين على مصالح دوارهم والمنسجمين فيما بينهم. وقد جاء هذا التأسيس بعد إحساس هؤلاء الشباب بأن التسيير القبْلي لم يعد مجديا وبأن العمل الجمعوي، هو الذي سيقوم مقامه وسيغطي على كافة النزاعات القبلية سواء داخل الدوار وخارجه، وقد حددت هذه الجمعية  منذ تأسيسها مجال اشتغالاتها والأهداف التي أسست من أجلها مثلها مثل باقي الجمعيات على المستوى الوطني، بحيث تم تحديد أهداف رياضية صرفة سطرت في قانونها الأساسي، تتجلى بعضها في تنمية أواصر التعاون والتآزر بين سكان المنطقة من أجل تنميتها رياضيا وكذا العمل على تحسين واقع الرياضة محليا؛ ومنها كرة القدم وذلك في إطار رؤية واضحة المعالم.

هذا وتحتل الجمعيات الرياضية مكانة أساسية داخل النسيج الجمعوي المغربي باعتبارها إحدى المؤسسات الفاعلة في المجال الرياضي، وقد أهلتها قدرتها على التفاعل مع محيطها الجغرافي في أن تصبح شريكا للدولة في تأطير الشباب والطفولة. في جانب أخر  و سيرا على نهجها سنة تلوى الأخرى تعمل الجمعية الرياضية لقصر بني صبيح على تنظيم عرسا كرويا كل سنة  جسد شعاره الدائم ” الصداقة أساس العلاقات الاجتماعية”، الدوري أو التظاهرة التي تجمع بين كل أطياف وقصور واحة لكتاوة بجماعاتها ( تاكونيت ـ لكتاوة)؛ وقد اعتزم منظموه منذ الدورة الأولى سنة 2016 م اختيار عطلة منتصف السنة الدراسية كتاريخ محدد للتبارى بين مختلف الفرق المنضوية تحت لواء الواحة السالفة الذكر. هذا وقد جرت منافسات الدورة الرابعة للملتقى تحت شعار ” الرياضة فضاء للتنافس الشريف” ما بين 12 و 26 يناير 2019م بالمركب الكبير للقصر، حيث يعرف مشاركة حوالي 12 فريق من مختلف قصور الواحة، انتهت بفوز فريق البليدة.

والملاحظ اوالمتتبع لهذا المجال في الواحة يخلص بأن هناك نموا لا مثيل له في عدد الجمعيات الرياضية التي تم إحداثها في الآونة الأخيرة وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الوعي الاجتماعي و الثقافي، وكذلك الحس الديمقراطي والسياسي لدى أفراد المجتمع الذي شهد في حد ذاته تطورا ملحوظا.

بالمناسبة كانت ولا تزال تاكونيت محطة أنظار كل متتبع درعـــــي، لما أصبحت عليه كتجربة نموذجية فتية ونوعية  في احتضان لمختلف الأنشطة الثقافية والرياضية؛ فكما يقال وسط أطلال اليأس تنبعث بؤر الآمل، في الآونة الأخيرة بدأ بعض الشباب والمثقفين المنتمين للعالم القروي خاصة بتاكونيت بأخذ المشعل وتأسيس جمعيات شبابية والعمل بفلسفة جديدة متقدمة تبنى على احترام القوانين والعمل على التوعية والتكوين والوقوف في وجه المتسكعين والمعتدين على العمل الجمعوي المضعين للكثير من الوقت والوقوف في وجه التنمية بأفكارهم وأفعالهم ….. أذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر إلى جانب الجمعيات الموجودة في بني صبيح؛ الجمعية الرياضية الثقافية لشباب قصر أدوافيل و جمعية أجيال درعة للحفاظ على الموروث الثقافي، هذه الاخيرة التي تبوأت مكانة مرموقة بفضل المهرجان الثقافي الذي يقام كل سنة خلال فصل الربيع، حيث أصبح  يجدب بفضل نوعية الأنشطة التي يتم إدراجها كل الزوار من مختلف بقاع العالم، شأن ذلك كباقي الجمعيات الموزعة على مختلف القصور والقصبات. هذه الجمعيات المدنية أو ما يسمى بجمعيات المجتمع المدني في عمومها تلعب دور الوسيط بين الفرد كجزء من المجتمع و الدولة، لاسيما في غياب أبسط التجهيزات الأساسية للعيش في مثل هذه المناطق الصحراوية، وهي بذلك كفيلة بالارتقاء بشخصية الفرد وتهذيبها وتطويرها عن طريق نشر المعرفة والوعي بثقافة الديمقراطية وتعبئة الجهود الفردية والجماعية لمزيد من العطاء المستمر في مجال التنشئة الاجتماعية والاقتصادية والرياضية، والتأثير في السياسات العمومية وتعميق مفهوم التضامن الاجتماعي.

الجمعية الرياضية لقصر بني صبيح، جمعية فاعلة ونشيطة في العمل الاجتماعية تحتاج إلى كل الدعم والتشجيع من المسؤولين المحليين خاصة المادي منه، وتحتاج إلى مساندة من طرف المشرفين على المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم زاكورة و من المسؤولين عن الجهة ـ درعة تافيلالت ـــ لإنجاح كل المبادرات الشبابية بالمنطقة في أفق تشييد مركز اجتماعي سيقدم لا محالة خدمات متعددة لساكنة الواحة عموما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى